السبت، 15 أغسطس 2009

معنى كلمة فيلسوف

الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
من درس: كلام ابن القيم عن الفلسفة ومفهومها يقول: "والمقصود أن الفلاسفة اسم جنس لمن يحب الحكمة ويؤثرها"، هذا هو الأصل أن الفلاسفة اسم جنس عام لكل من يحب الحكمة ويؤثرها، ولذلك لما سئل أبو العلاء عن الشعراء الثلاثة المشاهير: المتنبي ، وأبي تمام ، والبحتري ، وقد كان أبو العلاء فيلسوفاً ملحداً زنديقاً، لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا بالملائكة ولا بالكتب ولا بالنبيين، فلما أراد أن يصنفهم قال: المتنبي وأبو تمام حكيمان، وإنما الشاعر البحتري . لأن المتنبي وأبا تمام يأتيان بالحكمة في كلامهما، كقول المتنبي :
أي: أن الرأي قبل الشجاعة، وهذه حكمة طيبة، وكثير من شعر أبي تمام حكم، كقوله:
أما والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
فيقول أبو العلاء : إن الشاعر هو البحتري ، أما المتنبي وأبو تمام فهما حكيمان، يأتيان بحكم تقبلها العقول، لكن الشاعر هو البحتري الذي يعبر عن مشاعر النفس، وعن أمور ليست مجرد كلام عقلي تقبله العقول، فـالبحتري شاعر لا يخاطب العقل فحسب، وإنما يخاطب الوجدان والشعور.
الشاهد: أن الفلسفة اسم جنس عام لكل من يحب الحكمة، ولذا كان المعري يسمى: فيلسوف المعرة ، وأحياناً إذا قرأت بيتاً من شعره تجد أنه قد كتب تحته: فيلسوف المعرة ، وهو أبو العلاء المعري الزنديق الملحد.
يقول ابن القيم : "وقد صار هذا الاسم" أي: اسم الفلاسفة "في عرف كثير من الناس مختصاً بمن خرج عن ديانات الأنبياء، ولم يذهب إلا إلى ما يقتضيه العقل في زعمه"، وهذا هو المشهور الآن عالمياً، فعندما يقال: فيلسوف؛ فإنه يعني الذي خرج عما عليه الأنبياء، فهو لا يؤمن بالأديان وإنما يؤمن -في نظره- بالعقل، ولهذا أول ما بدأ الإلحاد عند الغربيين كان عن طريق الفلاسفة ، وأشهر ملاحدة الغربيين هم فلاسفتهم، فإذا قلنا: فيلسوف؛ فإن معناه: أنه لا يؤمن بـالنصرانية ، ولا يؤمن بما في الإنجيل، وإن قال: إنه فيلسوف نصراني، فهو من باب النسبة فقط، لكنه هو خارج عما في الأناجيل، وعما في العهد القديم والجديد، ولهذا يسمونه: المفكر الحر، والفلاسفة يسمون: المفكرين الأحرار؛ لأنهم تحرروا من سلطة الكنيسة ومن قبضة الدين التي كانت تفرض عليهم.